الخميس، 7 نوفمبر 2024

مولد الرسول ﷺ ونشأته


 مولد الرسول  ﷺ ونشأته



وُلد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في عام 570 ميلادي، ويُعرف هذا العام بعام الفيل، نسبةً إلى محاولة أبرهة الحبشي غزو مكة وهدم الكعبة بجيش يضم فيله.
 وُلِد النبي ﷺ في 12 ربيع الأول على الأرجح، في أسرة قرشية شريفة تعود نسبًا إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. توفي والده، عبد الله بن عبد المطلب، قبل مولده، فنشأ يتيمًا في كنف أمه آمنة بنت وهب، التي اهتمت برعايته وحمايته.

طفولة النبي


بعد ولادته، أخذته حليمة السعدية إلى بادية بني سعد حيث عاش أولى سنواته، واكتسب فيها سلامة اللغة وقوة البنية والطباع النبيلة. وقد ظهرت بعض العلامات منذ طفولته، فكان معروفًا بين قومه بالصدق والأمانة، ولقبوه بـ "الصادق الأمين".

نشأته


عندما بلغ السادسة، توفيت أمه آمنة بنت وهب، فكفله جده عبد المطلب، الذي اهتم به واعتنى به بحنان الأب. وبعد وفاة جده، تولى رعايته عمه أبو طالب، الذي كان له دور كبير في حمايته ودعمه.

خلال شبابه، عمل النبي في رعي الأغنام، ثم في التجارة، فكان صادقًا أمينًا مما أكسبه احترام الناس. وعندما بلغ الخامسة والعشرين، تزوج السيدة خديجة بنت خويلد، وهي من أثرياء مكة، وأحبته وساندته بعد أن عرفته بصدقه وأمانته.

هذه النشأة كانت إعدادًا للرسالة العظيمة التي تلقاها النبي صلى الله عليه وسلم في سن الأربعين، حيث بُعث ليكون رحمة للعالمين، وبدأت الدعوة الإسلامية تنتشر بفضل حكمة النبي وجهوده وصبره.

الثلاثاء، 5 نوفمبر 2024

قصة موسى عليه السلام


 قصة موسى عليه السلام


 قصة موسى عليه السلام من ولادته إلى بعثته تتضمن أحداثاً هامة تعكس عظمة الله في تدبير الأمور وكيف يهيئ الأنبياء لرسالاتهم. سنسردها بالتفصيل.


 ولادة موسى عليه السلام

كما سبق، وُلد موسى عليه السلام في زمن فرعون، الذي كان يقتل كل مولود ذكر من بني إسرائيل خوفًا من مجيء من يقوض حكمه. عندما ولدت أم موسى ابنها، خافت عليه من جنود فرعون، فأوحى الله إليها أن تضعه في صندوق وتلقيه في نهر النيل، ووعدها أن يعيده إليها ويجعله من المرسلين.


قال تعالى:


"وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ" (سورة القصص: 7).


 انتقال موسى إلى قصر فرعون

وصل الصندوق إلى قصر فرعون، فوجدته آسيا زوجة فرعون وأحبته، وطلبت من فرعون أن يتركه لها. وهكذا عاش موسى في قصر فرعون. وعندما احتاج إلى مرضعة، لم يقبل الرضاعة من أي امرأة حتى دلت أخته على أمه، فعاد موسى إلى أمه لترضعه ويعيش في قصر فرعون تحت رعايتها.


"فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" (سورة القصص: 13).


 موسى يكبر ويخرج إلى مدين

كبر موسى في قصر فرعون، وشبّ على الحق والعدل. وفي أحد الأيام، خرج إلى المدينة فوجد رجلين يقتتلان، أحدهما من بني إسرائيل والآخر من قوم فرعون. استغاثه الإسرائيلي، فضرب موسى القبطي بيده فمات، فأصبح موسى خائفًا مما فعل، فطلب المغفرة من الله، وقرر أن يتجنب الصراع.


في اليوم التالي، خرج موسى مجددًا ووجد نفس الرجل الإسرائيلي في شجار آخر، فلامه موسى. وحين عرف أهل مصر بما فعله، أمر فرعون بقتل موسى، فخرج موسى هاربًا إلى أرض مدين.


قال تعالى:


"فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" (سورة القصص: 21).


موسى في مدين

وصل موسى إلى مدين، ووجد عند بئر مجموعة من الناس يسقون مواشيهم، ووجد فتاتين تنتظران بعيدًا. فسألهما عن سبب انتظارهما، فأخبرتاه أن والدهما شيخ كبير، وأنهما تنتظران حتى ينتهي الرعاة ليسقيا. فسقى لهما موسى.


عادت الفتاتان إلى والدهما الشيخ، وشكرتا موسى على مساعدتهما، ودعاه والد الفتاتين إلى بيته، فعرض عليه أن يزوجه إحدى ابنتيه مقابل أن يعمل عنده ثماني سنوات، فوافق موسى.


"قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ" (سورة القصص: 27).


 العودة إلى مصر وبداية البعثة

بعد انتهاء المدة، قرر موسى العودة إلى مصر مع عائلته. وفي طريقه، رأى ناراً على جانب جبل الطور. ذهب إليها ليأتي بشيء من النار، فإذا به يسمع نداءً من الله تعالى.


قال تعالى:


"فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" (سورة القصص: 30).


أمره الله تعالى بالذهاب إلى فرعون ودعاه إلى دعوة قومه للإيمان بالله وترك الظلم والطغيان، وأعطاه الله معجزتين لتكونا له دليلاً على نبوته؛ الأولى تحويل عصاه إلى ثعبان، والثانية إخراج يده بيضاء من غير سوء.


طلب موسى من الله أن يرسل معه أخاه هارون، فأجابه الله إلى طلبه، وجعل هارون نبيًا معينًا له.


"قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي... وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي" (سورة طه: 25-31).


وهكذا بدأت بعثة موسى عليه السلام، حيث توجه مع أخيه هارون إلى فرعون لدعوته إلى التوحيد وترك الطغيان.



تستمر قصة موسى عليه السلام بعد ذلك في مواجهته لفرعون، ومعجزاته، وإنقاذ بني إسرائيل من الظلم، وقيادتهم نحو الإيمان بالله.



بعد بعثة موسى عليه السلام، استمرت الأحداث العظيمة التي تتجلى فيها معجزات الله وتبرز فيها شجاعة موسى عليه السلام وصبره على دعوة قومه، وتبرز قصة مواجهة فرعون وإنقاذ بني إسرائيل من العبودية.


 موسى عليه السلام يواجه فرعون

انطلق موسى مع أخيه هارون عليهما السلام إلى قصر فرعون برسالة الله، ودعاه إلى الإيمان بالله وترك الظلم، محذرًا إياه من عاقبة كفره وطغيانه. لكن فرعون كان متكبرًا، وسخر من دعوة موسى، واتهمه بالسحر.


قال الله تعالى: "فَقَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ" (سورة الشعراء: 23-24).


ورغم معارضة فرعون، أظهر موسى معجزاته، حيث ألقى عصاه فتحولت إلى ثعبان ضخم، ووضع يده في جيبه فأخرجها بيضاء مشرقة. ومع ذلك، اتهمه فرعون بالسحر ودعا السحرة إلى تحدي موسى، ظنًا منه أنهم سيغلبون معجزات الله.


 تحدي السحرة وإيمانهم

جمع فرعون سحرته في يوم عيد، وحضر الناس لمشاهدة التحدي بين موسى والسحرة. ألقى السحرة حبالهم وعصيهم، فبدت وكأنها تتحرك بفعل السحر. لكن عندما ألقى موسى عصاه، ابتلعت جميع ما ألقاه السحرة. أدرك السحرة أن هذا ليس سحرًا، بل هو معجزة من عند الله، فآمنوا بموسى وسجدوا لله.


قال تعالى:


"فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ" (سورة الشعراء: 46-48).


غضب فرعون وهدد السحرة بالقتل، لكنهم ثبتوا على إيمانهم وقالوا له إنهم لا يخافون تهديده، فإيمانهم بالله أصبح أقوى من أي عقاب دنيوي.


 توالي المعجزات وابتلاءات فرعون وقومه

أصر فرعون على طغيانه وكفره، فبدأ الله تعالى بإرسال الآيات والمعجزات كإنذارات له ولقومه. أرسل الله عليهم الطوفان الذي أغرق مزارعهم، ثم الجراد الذي أكل محاصيلهم، والقمل، والضفادع التي انتشرت في بيوتهم، والدم الذي أصاب مياههم. كلما وقع عليهم عذاب، لجأوا إلى موسى يطلبون منه الدعاء لرفع البلاء، وتعهدوا بالإيمان، لكن بمجرد أن يُرفع العذاب، يعودون إلى الكفر.


"فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ" (سورة الأعراف: 133).


هروب موسى وقومه ونجاتهم

أمر الله موسى عليه السلام بأن يخرج مع بني إسرائيل ليلاً هربًا من بطش فرعون. وعندما اكتشف فرعون خروجهم، جمع جيشه وتوجه لملاحقتهم. وصل موسى وقومه إلى البحر، وبينما كانوا في حيرة من أمرهم من كيفية العبور، أوحى الله إلى موسى أن يضرب البحر بعصاه. فانشق البحر إلى اثني عشر طريقًا، وجفّت أرضه، فمرّ بنو إسرائيل بأمان.


قال الله تعالى: "فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ" (سورة الشعراء: 63).


عندما حاول فرعون وجيشه عبور البحر خلفهم، انطبق البحر عليهم، فغرقوا جميعًا. وهكذا نجا الله بني إسرائيل وأغرق فرعون الطاغية.


"فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ" (سورة طه: 78).


عبور بني إسرائيل وابتلاءاتهم في الصحراء

بعد النجاة، بدأت مرحلة أخرى من حياة موسى مع بني إسرائيل في الصحراء. كانوا يحتاجون للطعام والشراب، فأنزل الله عليهم المنّ والسلوى، وجعل الغمام يظلهم ليقيهم من حرارة الشمس. ولكنهم مع ذلك لم يحسنوا الاستجابة وتذمروا وطلبوا أطعمة أخرى رغم ما وفره الله لهم.


تكليم الله لموسى وإنزال التوراة

صعد موسى إلى جبل الطور حيث كلمه الله، وهناك أنزلت عليه الألواح والتوراة، لكن أثناء غيابه، صنع بعض بني إسرائيل عجلًا من ذهب وعبدوه، متأثرين بعادات قوم فرعون، مما أغضب موسى وأحزن هارون.


قال تعالى:


"وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ ۚ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا ۘ اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ" (سورة الأعراف: 148).


 موسى يقود بني إسرائيل نحو الإيمان والصبر

رغم كل التحديات، واصل موسى عليه السلام دعوته بين بني إسرائيل، محاولًا توجيههم نحو التوحيد وتعاليم الله. واجه تمردًا وتذمرًا مستمرين من قومه، ولكن ذلك لم يمنعه من الوفاء بمهمته، حيث استمر في الدعوة والإرشاد والصبر على أذاهم حتى آخر حياته.


الدروس والعبر من القصة

قصة موسى وفرعون تعلمنا دروساً عديدة، منها:


قوة الإيمان والتوكل على الله: موسى عليه السلام كان يواجه أعظم طاغية في عصره، لكنه واجهه بثقة واطمئنان إلى معية الله.

التواضع مع الناس ومساعدة المحتاجين: موسى عليه السلام كان نبيًا وقائدًا، ومع ذلك سقى للفتاتين في مدين، وأظهر الرحمة لأمته رغم تذمرهم.

التوبة والعودة إلى الله: السحرة الذين آمنوا برب موسى بعد أن رأوا الحق نموذجٌ للتوبة الحقيقية.

الصبر على البلاء: موسى عليه السلام عانى كثيرًا من تذمر قومه وعدم استجابتهم، لكنه صبر وتحمل، وأدى رسالته على أكمل وجه.

قصة موسى عليه السلام مليئة بالعبر والمواقف التي تثبت الإيمان وتجسد الصبر على الأذى، وهي من أعظم القصص التي تبرز قدرة الله على تحقيق إرادته وحماية أنبيائه والمؤمنين.




الاثنين، 4 نوفمبر 2024

قصة الصحابي الجليل جليبيب رضي الله عنه


         قصة الصحابي الجليل جليبيب رضي الله عنه   






جُليبيب، رضي الله عنه، صحابي جليل من صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وُلد في بيئة كانت تنظر إليه نظرة استصغار وازدراء بسبب فقره وعدم انتمائه لقبيلة مرموقة. لم يكن جليبيب من ذوي الجاه أو الجمال، ولم يكن له مال ولا حسب يرفع من مكانته، مما جعله في نظر الناس شخصاً متواضعًا لا يُهتم به. ولكن، كان لجليبيب مكانة خاصة عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان محباً لدينه، صادقاً في إيمانه، وقويًّا في عزيمته.

قصة زواجه:


ذات يوم، أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكافئ جليبيب على صدق إيمانه وإخلاصه، فقرر أن يزوجه من إحدى نساء الأنصار. ذهب النبي إلى رجل من الأنصار وطلب منه أن يزوج ابنته لجليبيب، لكن الرجل لم يكن يرغب في تزويج ابنته لشخص فقير وليس من ذوي النسب. فطلب أن يستأذن زوجته في الأمر، وذهب إلى زوجته ليخبرها بطلب النبي، فأبدت أيضًا رفضها، ولكن ابنتهما كانت تستمع إلى الحوار، وأدركت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اختار جليبيبًا، فقالت: "كيف تردون طلب النبي صلى الله عليه وسلم؟!".
عندما علمت الفتاة بأن النبي اختار جليبيبًا ليكون زوجًا لها، أبدت طاعتها ورضاها بالاختيار، فأخبرت والديها أنها تريد أن تتزوج من جليبيب؛ طاعةً للنبي صلى الله عليه وسلم. وعندها وافق الأبوان، وتم الزواج، وكان هذا دليلاً على تقوى الفتاة وإخلاصها.

استشهاده:


لم يمضِ وقت طويل على زواج جليبيب، حتى خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى الغزوات. وبعد انتهاء المعركة، أخذ النبي يسأل عن أصحابه الشهداء، ثم سأل: "هل تفقدون من أحد؟" قالوا: "نعم"، ثم سأل ثانيةً وثالثة، فأجابوا بنفس الرد، ثم قال: "ولكني أفقد جليبيباً". وبعد البحث، وجدوا جليبيبًا شهيدًا، وقد قاتل بشجاعة حتى قتل سبعة من الأعداء قبل أن يُقتل.
وقف النبي صلى الله عليه وسلم عند جسد جليبيب، وقال بفخر: "هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه." ثم حمله بيديه الشريفتين ودفنه بيديه، ليكون هذا موقفًا مؤثرًا يُظهر مكانة جليبيب عند النبي، على الرغم من ظروفه البسيطة.

الدروس المستفادة:


قصة جليبيب رضي الله عنه تعلمنا دروسًا عظيمة، منها:


الاهتمام بالقيم الروحية أكثر من المظاهر الاجتماعية،  إذ نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى جوهر جليبيب وإخلاصه وليس إلى مظهره أو نسبه.


الرضا بقدر الله وحسن الظن، فقد كانت الفتاة ووالداها مثالًا للطاعة والامتثال لأوامر الله ورسوله.


مكانة التضحية والإخلاص، إذ قاتل جليبيب حتى آخر نفس ليحافظ على دينه ووطنه، وخلد الله ذكره عبر هذه القصة العظيمة.


قصة جليبيب رضي الله عنه تُظهر كيف يمكن لشخص متواضع لا يُحسب له حساب في الدنيا أن يكون له مكانة عظيمة عند الله ورسوله، لتصبح بذلك قصته درسًا خالدًا في معنى الإخلاص والإيمان.

قصة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها


                قصة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها




أم المؤمنين أم سلمة، واسمها هند بنت أميّة المخزومية رضي الله عنها، كانت إحدى الصحابيات اللاتي عشن مواقف عظيمة بجانب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتجلّت في قصتها معاني الصبر والثبات والطاعة.

 هجرتها إلى الحبشة:

هاجرت أم سلمة مع زوجها عبد الله بن عبد الأسد المخزومي، المعروف بأبي سلمة، إلى الحبشة في السنة الخامسة من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، هربًا من بطش قريش. وعندما هدأت الأوضاع في مكة، عاد المهاجرون إليها، لكن قريش عادت إلى إيذاء المسلمين بشدّة، مما دفعهم للهجرة مرة ثانية إلى الحبشة. بعد ذلك، علم أبو سلمة بإسلام بعض الأنصار في المدينة، فهاجر إليهم، وكان ذلك قبل بيعة العقبة.

 هجرتها إلى المدينة:


خرجت أم سلمة مهاجرة إلى المدينة مع زوجها أبي سلمة وابنها سلمة، الذي كان طفلًا صغيرًا. وفي الطريق، اعترضهم رجال من قبيلة بني المغيرة، وهم قبيلة أم سلمة، وأخذوها غصبًا من زوجها، وفصلوا بينهما. ولم يقف الأمر عند ذلك، بل قامت قبيلة أبي سلمة بأخذ الطفل منها ليبقى بينهم. عاشت أم سلمة في محنة وصبر حيث كانت بعيدة عن زوجها وابنها، حتى أذن الله لها بالهجرة إلى المدينة، حيث اجتمعت بابنها وزوجها بعد معاناة

 زواجها من النبي:


بعد وفاة زوجها أبي سلمة، حزنت أم سلمة حزنًا شديدًا، وتذكرت ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم عن فضل الصبر على المصائب. كانت تكرر قول النبي: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها." وبعد فترة، كان العوض من الله سبحانه وتعالى، إذ تقدم لها النبي صلى الله عليه وسلم، فتزوجها وأصبحت من أمهات المؤمنين.

استشارة النبي لها يوم الحديبية:


كانت أم سلمة برفقة النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، وعندما اتفق النبيﷺ مع قريش على العودة دون دخول مكة، أمر الصحابة بالتحلّل من إحرامهم، لكنهم ترددوا. فأشارت أم سلمة على النبي أن يقوم بالتحلّل بنفسه أمامهم، فسيقتدي به الجميع. أخذ النبي بمشورتها، فحلق رأسه وذبح هديه، فتبعه الصحابة في ذلك.

 احتكام الصحابة إليها:

اجتمع رجل مع ابن عباس عند أبي هريرة رضي الله عنهما، وتناقشوا في مسألة عدّة المرأة الحامل التي توفي زوجها. فاتفق أبو هريرة مع ابن عباس على أن العدة تنتهي بوضع المولود، واحتكموا إلى أم سلمة لتأكيد ذلك. فأخبرتهم أن سُبيعة بنت الحارث الأسلمية قد وضعت حملها بعد وفاة زوجها، وأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بأن تتزوج بعد انتهاء عدتها.